الفصل السادس والعشرون
حبً لم أرغبه يوماً…
وجدته يخترق أضلعى بـ خبث…
تمنيت لو أنى لا أستسلم له وأظل كما أنا حره…
ولكنى مخطئة فما أجمل من سكرته وحلاته ولعنت غبائى الذى ظهر بـ مقاومتى له ولكن الآن أصحح ما فات ولن أتركه…
هو أخترق بخبث ولكنى حواء ما إن أعشق حتى يغرق معشوقى بـ بحر سُكراً لا ينتهى…
بحراً أمهر السباحين لا يستطيع الخروج منه إلا بـ موافقتى.
بقلمى
ميرا جبر.
*****
وقفت تتابعه وهو يحمل شقيقتها فوق ظهره ويتحرك بها بـ عشوائية جاعلاً إياها تصدر ضحكات مكتوم تتمنى لو تسمعها يوماً مره أخرى… تمنت لو أنها نشئت بين عائلة كـ عائلته " عائلة سائر وكارلا" إسمان لا ينفصلان… إسمان يجمعان بينهما قوة تحمى ما بينهما… حنان وعشقً لا ينتهى… مهما حدث إرتخاء بـ حبل عشقهم يعقد ويعود أكثر قوة وتماسك.
إكتفت من المشاهدة البعيدة وحان وقت إقترابها فـ هى أصبحت جزء منها بـ كلمة من سائر و كارلا و أيضاً كنتهم التى يعشقها بيكرهم وهى لن تترك فرصة قدمتها الحياة لها حتى تهنئ ويرتاح بالها… وقفت بـ جوارهم والإبتسامة لا تفارقها و عينيها تلتمع بما تنفي وجوده بـ قلبها.
_ أنا عارف إنى لا أقاوم… بس ربنا بيحبك عارفه ليه.
هتف محمود بـ عبث وهو مازال يتحرك بـ لاريمار حتى أنهى حديثه وهو يقف أمامها منهى حديثه ، مما جعل إلتقاء العيون يسحرهم و يخفى ما حولهم ونسيى أنه يحمل فوق ظهره تلك الصغيرة التى سرقت كل قلب قابلها دون جهد منها… إرتبكت تولين ولم تشعر بـ لسانها الذى أجابه بـ تيه وإستفهام وصاحبته غارقة بين أشجار الزيتون اللامعة و بريق خاص بها يضئ وهج لو طالها لـ أصابها بـ مقتل العشق: ليه؟!.
_ عشان خلانى أحبك.
قالها بـ غرور مصتنع ونبرة محملة بـ عشق خلفته فى قلبه منذ أن سرقت عذرية أحضانه و تركته يتلاظى بـ نار حبه دون أمل أن يراها مره أخرى؛ ثارت خفقاتها و كادت أن تخترق صدرها لـ الخروج حتى تعلن أنه صار مالكها لاتصدق إلى الأن أنه يحبها و يعترف به أمام الجميع دون أن يخجل أو يراعى أحد.
_ طب إيه هنفضل واقفين كده كتير.
قالها وهو يعدل لارى فوق ظهره حتى لا تنفلت منه وجعلها تبتسم قائلة بـ مكر : والله لو أنت مش معترض ونفذت شرط أنكل سائر يبقى نقعد.
_ إحلفى كده… يعنى خلاص موافقة من قلبك مش عشان الإقامة.
قالها غير مصدق إجابتها الغير مباشرة بـ بدأ حبها له… إتسعت إبتسامتها مصدره قهقه صغيره فرحه على لهفته لـ حبها قائلة تعيد كلاماته عليه: طب أنت عارف ربنا بيحبك ليه؟!.
إشتعلت خضروتيه بـ عشق لا حدود له قائلاً بـ مراوغة ومبتسم بـ حلاوة تأسرها: ليه!.
_ عشان خلانى أحبك.
و إلى هنا ولن يقاوم… لـ يتنازل عن روحه فداء تلك الإبتسامه وإنصهار الجليد بـ عينيها مشعل زرقتها بـ حراره توقد داخله لا تتركه إلا راكعاً تحت سطوة عشقها؛ أنزل لارى مسرعاً وهو يقول بـ صوت عالى و جسده تشتد به الحراره ليس بسبب الجو بل بسبب بركانها الذى يراه و لـ المره الأولى… إنصهار جليد عينيها الزجاجيه أمامه معرتفه بـ عشقه: إبعدى عنى دلوقتى يا بنت الناس… أما أروح أقدم إسقالتى وأجيب المأذون عشان متلمونيش على إلا هيحصل.
تعالت ضحكاتها السعيده و لارى بعد أن ترجمت لها ما حدث ويتابعونه وهو يختفى داخل القصر.
***************
بـ أحد المناطق الراقية.
بـ داخل شقة راقية و واسعة.
_ بتمنى تكون عجبتك يا كريمة.
قالتها كارلا بـ حنان و هى تحاوط كتف كريمة بـ ذراعها و تسند كفها على الكتف الأخر تدفعها لـ التقدم إلى الشرفة المطلة على الحديقة الخاصة بـ المبنى؛ إبتسمت كريمة بـ وهن وتحدثت بـ نبره متحشرجة بـ سبب بكائها: أنا مش عارفة أشكرك إزاى!.. دا كتير والله كانت كفاية أوضة أو شقة صغيرة.
إحتضنتها كارلا عندما وجدت خجلها منها و من تلقى مساعدتها فـ كريمة رفضت نهائياً أن تعيش معهم بـ القصر و رفضت مساعدتها عندما عرضت عليها أن تنقل إبنها أسر إلى مشفى خاص ورفضت أيضاً فـ لم يكون أمامها حتى تستعمل أولادها سلاحاً حتى توافق بـدلاً من أن يشردوا و لا يوجد لديهم أى مكان او وسيلة لـ العيش والدراسة وأن ينشئوا فى بيئة مناقضة لـ السابقة حتى ينالوا الراحة وينسوا ما مرو به من قبل على يد طاغوت إكتسبه الشيطان عبداً و سخره لـ إذاء الغير.
_ متقوليش كده تانى عشان مزعلش… أنتى زى شهد بـ الظبط وبكره هيكون عقد الشقة عندك.
وعندما حاولت كريمة مقاطعتها بـ إعتراض شددت على كفيها متابعة..: الشقة دى مش ملك حد… العمارة دى خاصة بـ موظفين الشركة عشان المغترب و إلا هيتجوز بياخد شقة بـ ضمان شغلة و أنا بضمن أهم مهندسة مستقبلية ولا هتتخلى عن حلمك إلا كنتى بتحكيهولى زمان و إنك عايزة تبقى زى.
إبتسمت بـ بهوت قائلة: أنتى طيبه أووى… كنت بتمنى أن أمى تكون زيك لكن لـ الأسف…..
أخفضت رأسها بـ خزى من ماضيها أولاً و عائلتها التى خذلاتها ثانياً، تلك المرأة التى أمامها تغدقها بـ حنان و تفهم وتحتويها دائماً… كانت تحسد شهد على إمتلاكها أمً لا يوجد منها الكثير.. إمرأة متفهمه لما يحدث و تعلم أن ما فعلته خطأ كبير ولكن لم تجد وقتها أحداً ينصحها فـ هو كان يحتويها ويغدقها بـ حنان و إهتمام و تفهم كانت هى تفتقده وسط عائلتها… كل إهتمام عائلتها أن تتفوق بـ دراستها و تدلف إلى كلية الطب و تعمل، لم تجد منهم إهتمام بما تريد و بما تشعر، هى لم تسلمه نفسها إلا عندما أوهمها أنه زوجها ولكن عرفى بسبب أنها قاصر.
ظلت كارلا تتابع شرودها و ترى إلى أين ستصل بـ تفكيرها ، فـ هى تقرأها كـ كتابً مفتوح منذ أن قابلتها أول مره وهى تعلم أن داخلها عكس القشرة التى صنعوها أبويها مدعياً أنهم يفعلون ما عليهم وزيادة ولكن نسوا أن التعليم يأتى بعد التربية والإهتمام، التعليم أساسى لا تنكر ولكن بـ ماذا أفادها دون توعية و إهتمام طالبته بـ أول شاب يقتحم حياتها ، بل وأصلحوا خطأها بـ أكبر عندما أتموا زفافها على رجل بـ عمر أبيها متعللين أنهم كهذا يتسترو على العار الذى فعلته ، وتركوها بين يده دون أن يسألوا عنها بل لم تراهم منذ أن زُفت إلى منزله وتخلوا عنها… أمسكت ذقنها بـ الابهام والسبابة تقرص عليهم بـ خفة ترفع رأسها وتنظر إليها بـ قوة ممزوج بـ العطف قائلة: مل إلا فات هتنسيه و رأسك تفضل مرفوعه ديماً… ربنا بيغفر لـ عبده إلا بيعرف غلطه وبيندم ويتوب وأنتى إتعلمنى الدرس يبقى تنتبهى لـ بنتك ومتبينيش كسرة قدمها عوضي نقصك بيها و إستمدى قوتك و سندك من إبنك… والكائن اللى كنتى متجوزها هطلقك منه.
برقت عيناها من الدموع والتأثر و غصة البكاء توقفت بـ حنجرتها لم تستطيع أن تبتلعها فـ تحدث بـ نبرة متحشرجة ممتنه لها بـ دعمها وحديثها معها وعدم تخليها عنها: شكراً!.. شكراً بجد على وقفتك جنبى… بس أنا مطلقة منه من شهور وهو كان سايب البيت ليا أنا و أسر وأثير على أساس ماليش مكان معرفش إن هو كان بيدبر إزاى يخلص مننا.
إرتفع جانب شفاهها بـ نصف إبتسامة مريره ممزوجه بـ سخريه على حسن نيتها وتصديقها له بعد ما عاشته معه وإستسلامها له بـ أن تظل بـ منزله حنى تجد مأوى أخر ولم تعلم ما يحاك ورائها.
إتسعت حدقتى كارلا مدهوشة من أفكار ذلك الكائن المنتمى لـ جنس الذكور بـ الإسم فقط… طلقها و أبقها تحت عينيه حتى تنتهى من عدتها وبعدها باعها كـ الرقيق… لم تجد فعل تستطيع أن تفعله يخفف عنها إلا بـ إحتضانها بـ قوة تمدها إياها هامسة لها بـ بعض الكلمات تحفذها على التقدم وأن تنتشل نفسها من ماضيها؛ وهى بـ الفعل لم تكن تريد غير هذا الأن أن تشعر بـ بعض الأمان التى منحه عناقها و إنفجرت بوصلة بكاء تعد نفسها بـ أنها الأخيرة وأن لا تنهار مرة أخرى مهما حدث… يجب أن تقوى ليس لـ نفسها بل لـ أولادها.
مر على جلوسهم أكثر من ساعة كانت الصغيرة بدأت تملل من شهد التى تحاول لهيها بـ الشقة التى حفظتها من كثرة تجولها و حديث شهد المكرر حتى تنتهى والدتها من مساندة صديقتها ومدها بـ الكلمات التى لا تستطيع قولها بسبب غشوميتها التى اكتسابتها بـ عملها… أمرت أثير أن تجلس بـ الصالة التى يوجد بها الأرَائِك الحديثة الملتصقة بـ شكل حرف اليوو الإنجليزى (U) المسماه بـ ( الركنة)، حتى تذهب وتأتى بـ كريمة و والدتها… أطاعتها أثير بـ لهفة فـ هى أحبت تلك الأرَائِك التى تراها دائماً بـ التلفاز.
_ لا لا لا… كارلا هانم فى حضن كريمة… لا لازم أصوركم وأبعتها لـ البوص وهو يشوف الخيانة بـ عينه.
قالتها شهد بـ جدية مصتنعه وتمثل بـ إمساك هاتفها لـ تصويرهم ، جعلت إبتسامة كريمة تنير وجهها وسط عبراتها و إبتعادها عن كارلا التى ضحكت تساير إبنتها قائلة: حبيبى بـ يثق فيا وعارف إن مافيش فى القلب غيره… خليكى فى حالك.
_ ماشى يا واثق أنت… مش يلا بقى دى أثير بـدأت تلعن اليوم إلا عرفتنى فيه من رغى.
أجابتها شهد بـ نبرة مرحة قابلوها بـ إبتسامة وخرجوا معها متجهين إلى صالة الجلوس عند أثير التى كانت تجمع الوسائد الخاصة بـ الأرَائِك و تضعها بـ جانب واحد وتقفز بينهم بـ طفولية وسعادة جعلتهم يقهقهون بـ مرح و مشاركة كارلا لها ما زاد صدمتهم ولكن تخطوها عندما توقفت هاتفه وهى تقذف وسادة بـ وجه شهد: لو هتفضلوا مبلمين كده يبقى أسيبكم فى نكدكم وأخد القمر دى نلعب سوا بدل شاهندى إلا أنا مخلفاه.
أنهت حديثها وهى تحتضن أثير بـ ملكية دليل على أنها ستأخذها بـ مرح جعلتهم ينضمون إليها ولكن ضحكات كريمة المكسورة والشاردة أخبرتها أن مرحها المفتعل لم يخرجها إلا القليل ، دعت داخلها بـ صلاح الحال وأن يهنئ بالها وأن تمر من أزمتها دون خسائر أخرى… يكفى ما عاشته إلا الأن.
******************
وقف يتابعها عن بعد وهى تقف مع شاب بـ عمرها أو يكبرها بـ عام… نار تشتعل بـ قلبه ولا تنطفئ بل تزيد وتزيد وهو يرى إبتسامة الشاب تتسع بين كل حين وأخر ولكن لا يرى وجهها ولا إنفعلاته المشمئزه من ذلك الشاب الصبيانى وأفعاله القذرة.
تحدثت كارما من بين ضروسها التى تضغط عليها بـ غيظ: دلوقتى بكلمك بـ الحسنى يا يامن… إبعد عن جوري وإلا هتشوف وش عمره ما يعجبك.
إبتسم بـ سماجة وأجابها بـ سخرية: وأنتى بقى الجارد بتاعها ولا إية؟.
_ سميها زى ما أنت عايز بس صدقنى عمرك ما شوفت ولا هتشوف إلا ممكن أعمله فيك لو وريتك وشى التانى غير الملاك إلا قدامك.
كانت تتحدث وهى تبتسم بـ لؤم لا يعرف عنها وثقة… لا يستهان بـ أنثى مهما ظهرت عليها البراءة… ولكن لم تنتبه إلى ذلك الذى يتابع ولكن لم يسمع حرف من حديثها إقترب رأف منها وهو يشتاظ غضباً وغيره تحركه غريزته التملكيه نحوها أبعدها خطوة إلى الخلف و وقف بينها وبين يامن الذى رفع رأسه كى يراه جيداً بسبب طوله الفارع، ولم يترك يدها قائلاً بـ حده أخافت يامن قبلها: ممكن أعرف إية الا موقفكم كده؟!..
حضوره كـ العادة يوترها وينسيها العالم وما حولهم ، تهرب خفقاتها من صدرها معلنه عشقها له فى الخفاء ، فر يامن من أمامه بـ لمح البصر ولم يلحق به حتى لا يترك يدها من بين قبضته… إلتفت إليها والغضب والغيرة هم المسيطرين عليه قائلاً وهو ينظر إلى عينيها الواسعة ولم يخفى عنها العشق الدفين بين عينيه: ساكته ليه … بسألك واقفه مع الواد دا ليه؟.
لا تعرف كيف إختفى خجلها وسيطرت على توترها وارتباكها قائلة وهى تسحب يدها بـ قوة من بين قبضته التى أبت تركها: وأنت مالك؟!.. بـ أى صفة بتسألنى؟!..
إتسعت عيناه بـ غضب أكثر وخرج من هدوءه هادراً بـ تلعثم: ليا صيفات كتير… بس… بس…
حركت رأسها تحثه على المتابعة بـ براءة مزيفه بعد أن نجحت بـ تحرير يدها قائلة: بس إيه؟!. أيوة أى صفة عايزة أعرف واحدة.
إنعقد لسانة ولم يستطيع أن يتحدث ويخبرها بـ أنه يعشقها، يكره قلبة الذى وهب نفسه إلى طفلة… ظل ينظر إليها قليلاً ثم غادر زافراً بـ غضب من جرائتها الجديدة و غيرته التى تحرك خلفها معمى عن ما سيحدث بعدها.
************
_ كدا تمام كلها إسبوع كمان بـ الهمة دى ونفتتح الشركة.
قالتها هنا بـ حماس لـ لؤى و مهندس الديكور وهى تشاهد إنتهاء العمال من عملهم وبدأ ترتيب المكاتب المشتركة بـ صالة كبيرة تحتوى على بعض المكاتب المقسمة على أربعة و مكان لـ الاستراحة والاسترخاء حتى ينالوا أفضل الأفكار و الإبداعات بـ تصميم الإعلانات.
كانت المكاتب تغيرت أبوابها كما طلبت وتحولت إلى زجاج يظهر ما بداخلها وخارجها بـ وضوح وعليها ستائر إلكترونية عندما يريدوا بعض الخصوصية.
تفرقوا عندما صدح هاتف لؤى بـ إتصال من خطيبته وسارع بـ إستأذان حتى يجيبها وذهاب المهندس إلى العمال حتى يشرف عليهم و إتجهت هى إلى مكتبها المستقبلى ترى ما ينقصه.
أنفاسه لاهبه تلفح عنقها من الخلف و رائحة تحفظها عن غيب تغمر الغرفة بـ أكملها… أغمضت عينيها تستمتع بـ تلك المشاعر التى هاجمتها بـ قوة مدغدغة عمودها الفقرى وتطاير الفراشات بـ معدتها بـ مجرد تخيلها قربه المهلك منها… فاقت من تيهاتها المحببه عندما أوقع أحد العمال رف كان يحمله بـ الخارج دون قصد ثم عاود حمله متجه كى يضعه بـ مكانه المخصص… إلتفتت بـ إبتسامة فرحة و وجهها يشع كـ البدر و عينيها تنقلب لـ قلوب من كثرة عشقها وعدم تصديقها بـ أنه هو… ولم يكن مجرد خيالاً كما يحدث معها دائماً… تقريباً كانت بين أحضانة من شدة قربه منها دون أن يلمسها يتأملها ويلعن غباءه وكبريائه الذى أضاع منه الكثير كان لـ يعيشه معها…ساعاتً ينقم على شقيقته الصغرى و إبن خاله أنهم لم يكابروا ، ولم يضيعوا وقتهم هدراً منذ تأكدهم من مشاعرهم و لحاق حياتهم الخاصة دون عبث أو مخالفة… أظهروا عشقهم لـ الجميع دون خجل أو كبرياء… إرتسمت إبتسامة على شفاهه معدياً منها عندما إبتسمت قائلة بـ مرح وهى تتابعه يتأملها كـ من يحفر ملامحها على عجينة رخوة حتى تتشكل تمثال شديد الجمال لا ينسى: إلا واخد عقلك يتهنابوا يا كوتش.
صدحت ضحكاته ثم باغتها بـ أن قبل شفتيها بـ خفة سريعة حتى لا يلاحظة أحد من الخارج وهو يعطيهم ظهره يخفيها عن أعينهم قائلاً وعينيه تعصف بـ عشق نبت بها: وحشتينى.
تلألأت عينيها وكاد قلبها تتوقف خفقاته من إرتفاع ضغط الدم وتصاب بـ أزمة قلبية من عدم تصديقها ما يحدث معها… مالك يتعامل معها كـ معشوقته… و إفتقدها، وجاء إليها دون أن تذهب وراءه… قاطع دهشتها التى رسمت على ملامحها مع نضوج وجنتيها كـ كريز شهى يتمنى قطفه: تتهنى وهنفرح بس تحن هى وتحنن أبوها عليا ، وبعدين مكتبك هيفضل مكشوف أوى كده.
أجابته بـ صوت هامس وهى ترفع يدها التى تحمل جهاز التحكم عند بعد بـ الغلاف لـ الزجاج يغير لونه لـ رمادى: تؤ… فى ستار داخلى.
إلتقط منها الجهاز ثم فَعلهُ مخفياً العمال والدوشة الخارجيّة عنهم وجذبها داخل أحضانه يدفس رأسه بين كتفها ورأسها يستنشق عطرها الطبيعى الممزوج بـ رائحة الورود الخاصة بـ سائل الإستحمام… بادلته أحضانة مدهوش من مشاعره وأفعاله التى يظهر بها شوقه أحست بـ أنفاسه تحرقها من سخونتها بعد أن زفر بـ راحة لم يشعر بها من قبل إلا بين أحضانها ، طبع قبلة على جيدها ثم كررها صاعداً حتى وصل إلى أُذنها هامساً بـ نبرة متحشرجة من إنفعال مشاعره قائلاً: تعرفى إنى كنت هندم طول عمرى لو ضيعتك منى… أنا… أنـــا (بـ ـحـ ـبـ ـك)
أنهى حديثه مبتعداً عنها ينظر إلى عينيها يتأملها يغرق بسن نَهرى العسل الصافى الذى إقترب لونه لـ الشمس تشرق بعد يوم مغيم… يتابع إنفعالاتها و رد فعلها الذى أرضى غروره الذكورى مبتسماً بـ إتساع ثم لم يدعها تجيبه بـ حرف واحد عندما إنفرجت شفتيها قليلاً تلتقط أنفاسها الهاربه بسبب زيادة دقات قلبها من هول ما تشعر به منقضاً على شفتيها يلتهمها بـ شوقاً ولهفه لم يشعر بها من قبل إلا معها هى سارقة قلبه وعقله دون أن يشعر مهما أنكر كبريائه الذى كان يتغذى من مطاردتها له.
****************
بـ أحد القصور الراقية القديمة.
وسط الحديقة الخاصة به كانت الطاولات الدائرية منتشرة بها وحول كل طاولة عدد لا بأس به من سيدات المجتمع الراقى يستمعون إلى السيدة "فريال الأبنودى"، سيدة القصر وزوجة" رأفت الجيار" صاحب اكبر مصانع أغذية وشركات إستيراد وتصدير بـ الشرق الأوسط ، كانت تلقى على مسمعهم حقوق المرأة وتقصير المجتمع الشرقى فى حقها ، وتحدثهم عن القضايا التى يفوز بها الرجل لو كان يملك الجاه والمال وهى العكس ، تخاطبهم بـ حماس وتأثر عن ما علمته منذ قليل عن ضحية مجتمع دفعت الثمن بـ إنتحارها بسبب خطأ إرتكبته لم تكن هى المذنبه فيه فقط بل معها والديها و شاب أخر عاش حياته دون أن يلتفت إليها .
تعالت التصفيقات تأثراً بما قالته ومنهم من صفق دون الإقتناع أن الفتاه هى المخطئة الوحيدة ولا غيرها ونسوا أنها أنثى من جنسهم لا تختلف عنهم وعن بناتهم شئ ، تعالت التهنئ والسلامات لها بعد أن وقفت وسطهن تتقبلها بـ إبتسامة دبلوماسية إكتسابتها منذ شبابها عندما كانت تحضر مثل تلك الحفالات مع والدتها المنشأه تلك الجمعية ، إنتبهت إلى سيارة إبنها وهى تدلف مسرعة ويترجل منها غاضب و يهرول إلى الداخل دون أن يلتفت ، أمسكت المكرفون قائلة: شكراً جداً ليكم على قبول الدعوة لـ حضوركم إنهاردة… البوفية إتفتح أتمنى ينال إعجابكم.
أنهت حديثها وهى تشاور بـ يدها على المكان المخصص لـ البوفيه الذى يحتوى على أشهى المأكولات و الحلويات… ثم إنسحبت بـ هدوء دون أن ينتبهوا لها متبعه بكرها التى تهاونت بـ حقه كثيراً ولكن هى تربت هكذا ولم تتعلم غير هذا فـ ما ذنبها… صعدت خلفه إلى غرفته ودقت الباب ثم دلفت بعد سماع إذنه.
كان يجلس على طرف الفراش ويدفن رأسه بين كفيه مستند بـ مرفقيه على أرجله يتنفس بـ حده دليل على فرط غضبه وحيرته… مهما ظهر منها الإهمال فـ هو واليدها تعلم ما يحب وما يكره و متى يكون غاضب والعكس… ظلت تتابعه حتى سمعته يقول بـ تهكم وهو مازل على وضعه: غريبة فريال هانم الأبنودى سابت حفلتها وجاية تشوفنى.
أغمضت عينيها تستنشق الهواء ثم زفرته وإتجهت إليه واقفة أمامه قائلة: إبنى… مهما قولت أو أنكرت أنت إبنى… مالك يا فادى.
صدرت عنه ضحكات عالية مليئه بـ السخرية وهو يرتد إلى الخلف يستند على الفراش بـ كفيه قائلاً: مالى!.. وإبنك فى جمله واحدة… بجد فجأتينى.
_ ولددد!.
صاحت بها تنهى سخريته مما جعل غضبه يزيد و طاقته على الإستحمال تنتهى لـ ينفجر بما كان يؤرقه و يعذبه منذ صغره قائلاً: إضايقتى من سخريتى… أمال أنا أعمل إية؟!. أنتى جاية تفتكرى إنهاردة إنى إبنك بجد فجأتينى ، عايزة تعرفى مضايق ليه هقولك ، إنهاردة كان أول يوم بجد أندم إنى من العيلة دى ، بسأل ربنا على حكمته إنه يخلقنى إبنك وإبن رأفت بيه الجيار ، كبرت وأنا بشوف أبويا مع الدادة بتاعتى مش أمى ، كبرت وأمى فريال هانم الأبنودى مشغولة بين النوادى و الحفالات ، زعلتى أوى لما خلف منها ولا بيخونك ، إنتى السبب، إنتى وهو إلا خلتونى كدا ، خلتونى مسخ ، شيطان ، بيضحك على البنات وبيلعب بيهم و بشرفهم … وإنتى الغلط عليكى أكتر عشان لما أنتى عرفتى خيانته أتغضيتى عنها عشان صورتك متتكسرش قدم أشباهك فى المجتمع.
أنهى حديثه وهو يقف أمامها وصدره يهبط ويصعد بـ هستريه بسبب حدة أنفاسه وإنفعاله ينظر إليها بـ إتهام و خيبة أمل يتابع دهشتها و صدمتها و يظهر على عينيها نظرات ندم ولكن قرر أن ينهى ما بداخله الأن دون ترك أى شئ… كان ينتظر هذا اليوم يوم أن يكون المرآة أمامها يخبرها عن تقصيرها بـ حقة وحق أخيه الصغير الذى أخذ طريقة منذ تخرجه وسافر إلى الخارج رافض العودة مبنى حياته هناك فجر أخر قنبلة بـ داخلة يعلم أنها سـ تكسرها كما كسرته عندما فجرت بـ وجهه من قبل قائلاً: إفرحى … أنا كمان بقيت نسخة من رأفت باشا وبسبب غلطتى زمان بقى عندك أحفاد.
إتسعت حدقتها حتى كادت أن تخرج من محجرهما عندما فهمت مغزى كلماته تنظر إليه مشدوهه تنتظر إنكاره وإخبارها أنه يكذب ولكن أكد حديثه عندما رامها بـ نظره إتهام ثم إتجه إلى الحمام الخاص بـ غرفته مغلقاً بابه بـ قوة ينهى أى حديث أو إستفسار عن ما قاله.
****************
_ أسفة يا زوز والله ما كنت فوقت لسه، وبعدين أنت إلا غلطان حد يعمل فى مراته كده يوم الصباحية.
هتفت شذا وهى تجول خلف زيد الذى يحاول أن يتجنبها وهو يضع بعض الثلوج على رأسه بـ مكان الضربة و يحاول أن يسيطر على أعصابة حتى لا يردها لها أضعاف، ولكن الغبية لا تفهم مازلت تتدل و تتأسف ثم تلقى اللوم عليه وإلا هنا وكفى توقف دون إنذار فـ خبطت بـ ظهره بسبب تتبعها له و وقوفه المفاجئ صائحاً بـ نفاذ صبر: شذااا… لمى الدور بدل أردهالك وتعرفى إن الله حق.
أغرقت عينيها بـ الدموع و بدأت بـ الهبوط واحده تتلوها أختها صارخه هى الأخرى بـ غضب طفولى و تدب بـ قدمها بـ الأرض ثم داست على قدمه قائلة: أنت بتزعقلى ليه دلوقتى… أنا غلطانة إنى إعتذرتلك… غورر من وشيييى.
أنهت صراخها داعسه قدمه مره أخرى ثم هرولت إلى الحمام مغلقة إياه بـ قوة ثم أوصدته خلفها وتركته يمسك قدمه و واقفاً على واحده متأوهاً ناظراً إلى طيفاها مدهوشاً من قلب الطربيزة عليه وجعلة المذنب الوحيد ولكن مهما فعلت فـ هى جنيته التى خطفت قلبه دون إستأذان مقرراً مصالحتها لأنه لا يستطيع أن يتحمل رؤية دموعها وتكون بـ سببه.
*****************
إندفع الباب بـ قوة غير مقصوده مما جعلهم ينتفضون مبتعدون عن بعضهم وسباب مالك اللاذع و إحمرار وجنتى هنا بعد سماع حديث رأف بعد إقتحامه ولم يراهم بسبب غضبه من نفسه وغيرته وكان يتحدث بـ طريقة تفاجئ بها مالك الذى لم يراه بها من قبل ولكن ليست بـ جديدة على هنا توأم روحه و رفيقة الدرب.
_ عايزة تجننى صح!.. أنا عارف إن هى عايز تخلينى أتهور يا أما هخطفها يا….. هخطفها مالهاش حل غير كد… مالك!.
كتمت هنا ضحكتها عندما رأت ملامح الدهشه على مالك و إنفراج ثغره بـ طريقة مضحكة على رؤية أخيه هكذا لـأول مره و صدمة على وجه رأف عندما راءهم يقفون ومالك يتابعه مشدوهاً… ساد.الصمت حولهم لم يقطعه إلا هى قائلة: إهدا وفهمنى عملت إيه المره دى.
_ هبقى أقولك بعدين.
قالها رأف مسرعاً وهو يغادر كما جاء دون سماعهم أو قول شئ أخر.
_ هو دا رأف أخويا ولا واحد شكله.
قالها مالك مشدوهاً مما جعلها تفلت ضحكاتها محركة رأسها بـ تأكيد جعله يسألها مستفهماً: إشمعنا معاكى إنتى كده أنا عمرى ما شوفته غير خجول وعاقل.
_ عشان أحنا ملناش غير بعض من صغرنا فى مدرسة واحدة لـ حد لما وصلت الجامعة كان إهتمامتنا واحده مكنش لينا أصحاب إحنا و بس.
أجابه هنا مسترجعه أوقاتهم طول فترة الدراسة و خرجاتهم و غفلت عن تلك الأعين التى لمع فيها نظرة التملك والغيرة مما بينهم متوعداً بـ غلق الأبواب حولها نهائياً لن يراها غيره ولكن عندما تكون فى بيته… فـ ليتحمل الأن حتى ينال غفرانها وبعدها سيجعلها تفعل ما يريده بـ طيب خاطر وليس جبراً.
****************
أسدل الليل ستارة والنجوم تلألأت بين ظلمته تؤنس وحدة كل من يتابعها وحيداً تحفظ سره دون البوح… كانت تتأملها من شرفة الشقة فـ هى لم تغادر مع والدتها وأخبرتها أنها ستبيت تلك الليلة مع كريمة و إبنتها حتى لا تتركها وحدها فـ وافقت كارلا مشجعه إياها ثم غادرت مع سائر الذى كان ينتظرها بـ أسفل المبنى حتى يعودا معاً.
لم تراه ولكن مازالت جملته تتردد داخل عقلها مسبب صدا بـ أُذنيها تؤلم قلبها قبل أن توهن جسدها… تتمنى أنها لم تتبعهم أو تسمعهم ما كانوا وصلوا إلى هذا الطريق المسدود… لا تصدق أن تلك نهايتة قصتهم حتى قبل أن تبدأ… إلتفت تهرول بـ إتجاه غرفة كريمة بعد سماع صياحها فلقد تركتها نائمة بعد توديع والدتها… دلفت مهروله وجدتها تتسارع وهى نائمة وقطرات العرق تغرق جسدها و أثير بـ جوارها تحاول أن توقظها ودموعها تنهمر بـ خوف على والدتها ولكن لا فائدة مما جعل شهد تسحبها من ذراعها تبعدها عنها ثم إقتربت من كريمة ترفع جزعها محركه إياها بـ قوة حتى شهقت وهى تفتح عينيها تنظر حولها بـ ضياع وجسدها ينتفض فرجت بين ثغرها تتبع أوامر شهد بـ أن ترتشف بعض الماء وإلتفت تنظر إلى أثير قائلة: دى أول مرة ولا حصل قبل كده.
أجابتها من بين شهقات بكائها: أيوة حصل بس أسر هو إلا بيعرف يتصرف معاها.
أغمضت عينيها تستغفر ثم أعدلت كريمة التى ذهبت فى سبات مره أخرى و أتجهت إلى أثير تحتضنها حتى تهدأ قائلة: متخفيش دا كابوس معدش هيتكرر… تعرفى بدأت معاها الكوابيس دى إمتى.
حركت رأسها بـ موافقة وهى تنتفض داخل أحضانها… لم تحكى لها كريمة شئ عن كوابيسها… سحبتها شهد إلى الخارج معها وإتجهت إلى المطبخ أجلستها على كرسى أمام الطاولة ثم أحضرت لها كوب من العصير حتى تهدأ قائلة بـ حنو مشجعة إياها: طب إحكيلى.
إرتشفت أثير القليل من العصير حتى بدأت تهدأ شهقاتها قائلة: من خمس سنين، بابا كان سبنا فى البيت و أخدها معاه وقالنا أن هم هيتأخروا بره وممكن يقعدوا أكتر من يوم… كنت لوحدى أنا و أسر وصغيرين… يومها أسر مرديش يخليها تروح معاه بس هو ضربه وقفل علينا و أخدها ، مارجعوش إلا بعد تلات تيام (أيام) بس ماما كانت يومها وشها وارم و جسمها كله متعور تعويرات كبيرة وبعدها بقينا نسمع صوتها وهى بتصرخ بعد ما تنام بس بابا كان بيبقى موجود لـ حد ما طلقها وبقى أسر هو إلا بيعرف يهديها.
ربتت على يدها قائلة بـ هدوء يخالف أفكارها الثائرة بـ ما فعله ذلك المسخ مع كريمة ولما أخفت ذلك الجزء عنها ولم تثبته فى المحضر.: طيب يا حبيبتي يلا قومى ننام أدخلى أوضتك وأنا هنام جنب ماما أنهاردة.
أومأت أثير و وقفت بعد أن أنهت الكوب و أتجهت إلى غرفتها وذهبت فى سبات دون أرق بسبب إرهاقها… دلفت شهد جالسه بـ جوار كريمة التى لا تشعر بما حولها تتابعها و تفكر بما مرت به وأوصلة إلى تلك الحالة.
*****************
قصر سائر الشهاوى.
داخل جناح سائر وكارلا.
_ بس كده صعبانة عليا جداً.
أنهت كارلا سرد ما علمته من شهد و مساعدتها لـ كريمة وهى تستند بـ رأسها على صدر سائر كـ عادتها كل ليلة وهم يتبادلون ما حدث معهم بـ يومهم، زاد من ضمها وهو يقبل رأسها قائلاً: فعلاً!.. بس إحنا جنبها و فى ضهرها وهنساعدها لحد لما تتخطى إلا حصل لها.
إبتسمت بـ حب ثم رفعت رأسها تنظر إلى بنتيه التى تعشقها وتعشق النظر إليها فلا تجد إلا عشقه الظاهر لها رفعت أنمالها تحركها بين شعيرات ذقنه الذى خالطه الشيب مما زاده جاذبية و وسامة وإرتفعت تقبل جانب ثغره كـ رفرفة فراشة ناعمة جعلت إبتسامته تتسع بـ عبث لم يقل يوماً قائلاً: مش كده يا حبيبتى.
نظرت إليه بـ إستفهام لم يطول عندما وجدت نظراته الداكنة معلنه عن ما يجول بـ خاطره وثوانى وكانت ممده على ظهرها وهو فوقها يعلمها أبجديات العشق من أول وجديد ولن يمل تدريسها مهما مر عليهم الدهور.
****************
يتبع……….
****************
تعليقات
إرسال تعليق